سينما الصبر – Ming-liang Tsai


1_e_Tsai-Ming-Liang-_Walker-2

أحب الافلام القصيره لكن لا اوليها اهتمام اولي ، تجارب المشاهده مع كل المخرجين اللذي شاهدت اعمالهم او من اود مشاهدة جميع اعمالهم دائماً تبدأ من الفلم الروائي الاول وبعد ذلك لو احببتهم اعود لتجاربهم في الافلام القصيره لانه من الطبيعي ان يدخلو السينما عن طريق تجارب قصيره ودائما هذه التجارب القصيره تعطي تصور كامل لما فعله المخرج في باقي تجاربه الروائيه وبعضها تكون تجارب بريئه تستغرب كيف بمن صنعها بهذه البرائه ان يصنع اعمال عميقه في المستقبل .. هنا الامر اختلف قليلاً شاهدت حوالي عشرين دقيقه فقط  لمخرج لا اعرفه ولا اعرف اسمه جعلتني ابحث عنه وعند معرفتي لاسمه جربت ان ابحث عن اسمه باللغه العربيه ولم اجد سوى بعض الاخبار .. استفزني كثيراً فكيف بمن يصنع عمل قصير بهذا الاستفزاز ان لايكون معروف على مستوى عالي ..سارعت بتحميل بعض اعماله الاولى ولم اتوقع مع هذا الاسلوب المستفز ان احب اعماله وبصراحه لا اريد ان احبها كنت اود مشاهدة بعض اعماله القصيره فقط ثم تطور الامر حتى اردت ان اشاهد عمل او عملين فقط حتى ارضي فضولي كن انتهى الامر بمشاهدة كل اعماله وهي حوالي ١٢ فلم روائي طويل وجميع افلامه القصيره المتوفره ، كلها في اقل من شهر واحد .. كان الامر اشبه بالحصول على كنز سينمائي بالصدفه وقمة التناقض انني بعد كل عمل اتمنى لو انني لم اعرفه ، ومهمتي الان ليست مجرد فضفضه كالعاده وانما تعريف الناس فيه ولا اعتقد ان الكثير سيحبونه ولايهمني ذلك كثيراً ، بالنسبه لي سيضل عظيم في كل حالاته ..

 

Tsai Ming Liang2 ” يقولون انني استمتع باستفزاز جمهوري .. بالنسبة لي فأن يستفز المرء فهذا رد فعل ايضا. اريدهم ان يظهروا رد فعلهم على افلامي.. فاما ان يستفزو ويتحركوا ويشعروا بالضيق او ان يشعروا بالراحة “

التايواني الخمسيني تساي مينق لينق .. اطلقت على السينما اللتي يقدمها سينما الصبر لانها فعلياً للصابرين فقط فمن يهتم لقصص محدده وواضحه سيظن ان اغلب افلامه عن لاشيء , ليس هنالك سيناريو مبني يبدا من هنا وينتهي هنا .. ليست هنالك شخصيات رئيسيه كثيره يدور عنها العمل ، هنالك حياه تمشي كالعاده وعالم مزحوم دائماً .. شخصياته قريبه من بعض في المحيط الجغرافي لكن بعيده عن بعض في الشعور . الاب وابنه ، الام وبنتها ، الجار وجاره .. عالمه السينمائي عالم مليء بالمتباعدين والمتنافرين ، سميت سينماه بسينما الصبر لان هذا المخرج يحاول استفزاز المشاهد واختبار صبره .. كانه يريد ان يقول جمله واحده فقط هذه حياتنا الطبيعيه لايام وشهور وسنوات لانريدك ان تعيشها لكن على الاقل .. 

هل تستطيع تحمل مشاهدتها مدة العمل فقط ؟

IMG_8332

ملامح السينما عنده :

في كل اعماله ليس هنالك زمن محدد ولا مكان محدد بعينه ، انت تتبع شخصيه والشخصيه هي كل العمل لانها بالنهايه انعكاس عنه وعن حياته , وهو مثل غيره من عظماء السينما يعتبر السينما وسط يعبر فيه عن افكاره ولاتهمه الشهره او الجماهيريه .. ان جائت الشهره ومحبة الجمهور عن طريق اعماله والا فلن يغير نفسه من اجل احد مهما كرهو اعماله

في كل اعماله نرى وجود ممثله المحبوب كانق شينق اللذي رافقه من اول عمل حتى الاخير , نرى عدد من المرايات وكأنها يريد التأكيد على ان هذه الممثل ماهو الا انعكاس له في النهايه , ولانه في كل اعماله يتحدث عن نفسه وعن محيطه بطريقته ، نجد شخصياته تعاني, في فلمه the river نجد الشخصيه تعاني من الم في الكتف من بداية العمل حتى نهايته ولسبب نجهله وفي فلمه good bye dragon inn هنالك امراه متالمه في ساقها وهي في دار سينما روادها قليل وكانه يتكلم فيها عن السينما اللتي يعرضو فيها افلامه وهو اللذي تعب من السينما مثلما صرح اخيراً بعد ان قرر اعتزاله ، ايضاً حتى الاشياء الاخرى تعبر عن الشخصيات ، الماء يتكرر دائماً بطريقه لايريدونها ويسبب قلق لشخصياته اما في شحه او كثرته بطريقه غريبه ومع كل ذلك الماء نجد الشخصيات تعاني من جفاف دائم على مستوى علاقاتهم الشخصيه .

IMG_8653-1

متاكد ان في السينما مظاليم كثير على مستوى المخرجين والممثلين وغيرهم وعند مشاهدتي لاداء هذا الممثل ازداد يقيني وتأكيدي , الممثل Kang – Shing Lee , الصغير في عمره والكبير في ادائه , بدأ مع تساي من اول افلامه حتى الاخير لم يفارقه باي فلم والجميل انه مثلما قلت كان انعكاس للمخرج من دون ان تضيع هويته فهو ممثل من طراز خاص وبعد مشاهدتي لتطور ادائه من اول عمل حتى الاخير اضفته لقائمة ممثليني المفضلين من دون اي تردد ..

تابعت ثنائيات كثيره بين ممثلين ومخرجين وبين ممثلات ومخرجين وقد احتاج لعشرات التدوينات للكلام عن هذه الثنائيات لكني اقولها وبالفم المليان هنا , لم اشاهد يوما ممثل يكون انعكاس للمخرج في كل افلامه مثلما حدث هنا حتى وصل في المخرج تساي مينق ان يهدي أحد الافلام لروح ابيه ولروح اب هذا الممثل ايضاً ..

IMG_8639

عن شاعريته :

كل ذلك الالم والجفاف في شخصياته ومع ذلك هو يملك شعريه خاصه قد نشبهه في مخرجين شاعريين كثير ونحتار ولكن بالنهايه نوقن انها شعريته الخاصه ولغته الخاصه ، نشاهد اللقطات الطويله وكاننا نشاهد احد افلام اليوناني ثيو انجلوبوليس وبالاضافه للسوداويه تحس انها للمجري بيلا تارا , كاميرته لطيفه لايتلاعب فيها كثيراً تنساب بهدوء بين الشخصيات وكانه هدوء اوزو .. يترك الحوار دائماً وينساه وهذا مااكسبه هذه اللغه الشعريه ، في احد اعماله وصل لحوالي اربعين دقيقه من دون اي حوار شعري .. ولانه فعلياً شاعري ومن منطلق فني بحت تم اختيار عمله الاخير لان يكون من انتاج متحف اللوفر اللذي اصبح لايهتم بتجميع لوحات عظماء الرسم ولكن ايضاً يهتم بكل اشكال الفنون والاهم الفنون العظيمه اللتي تملك روح شاعريه وتشكيليه حتى لو جائت بطريقه سوداويه او سرياليه لايفهمونها الجميع .

IMG_8641

اكمالاً لتأثره ومثلما ذكرت انه ياخذ من كل مخرج شيء وقد تشبهه بالكثير ولكنه بالنهايه لايشبه الا نفسه ، نجد انه فيه كثير من اعماله يذكر اسماء مخرجين .. في عمله الاخير اللذي انتجه اللوفر ذكر الفرنسي المظلوم جاك تاتي ثم باسوليني , فيليني , انتونيوني , اورسون ويلز , بستر كيتون مارنوا ,  تاركوفسكي , تشارلي تشابلن .. ميزوقوتشي .. والكثير ممن نسيتهم وكانه يعدد اهم المخرجين بالنسبه له ..ذكر اورسون ويلز وركز على فلمه فتاه من شانقهاي .. لكنه عاد اخيراً وقال تاتي مخرج عظيم ولم يكرر هذا الكلام الا عن تاتي .. وبالمناسبه هو يملك من سينما تاتي الشيء الكثير لكن افلام تاتي تكون بطريقه مبهجه وهو بطريقه كئيبه لكن يتفقون في ان الكثير من شخصياتهم تحس انهم موجودين للا شي موجودين ولايعلمون بوجودهم .. لذلك هم يتصرفون على سجيتهم ولايمثلون ولايتم قطع لقطاتهم ابداً ..المكان مفتوح للجميع يختلط فيه الممثل الرئيسي والكومبارس وقد تحتاح لتركيز كبير حتى تستطيع عينك ان تشاهد الجميع ..

ومع ذلك كله وكل هذه الاسماء هو لايعشق الا تروفو ا ، الفرنسي اللذي كرره في اغلب افلامه .. بوسترات فلمه العظيم ٤٠٠ ضربه بالاضافه لمشاهد منه وجعل شخصياته يتابعونه ولم يكتفي من ذلك كله ولا من ذكر اسمه بل جعل ممثل فلم تروفو الشهير اللذي عرف الناس فيه يشاركه في فلمين من افلامه وهو بعمر كبير ومع هذا كله يختم تعدده للمخرجين بمقولة تروفوا ستضل دائماً هنا .

Tsai-Ming-Liang

” لا أريدهم ان يشعروا بمجرد التسلية او الراحة مثلما يشاهدون أغلب الافلام دون حتى أن يعلق اياً منها في اذهانهم ، اعتاد الناس على الخوف من افلام تساي مينج ليانج وهم يقولون انني اصنع الافلام لمجرد ان افوز بالجوائز التي تستهدف الجماهير الغربية. وكثير من الناس يكرهون افلامي حتى بدون ان يروا ايا منها. أريد ان اظهر للناس ان المجتمع متنوع لكننا اخترنا التخلي عن التنوع واصبحنا جميعا الشيء نفسه. نحن لا ندرك حجم ما تخلينا عنه في حياتهم “

 

Ming-liang Tsai